الثلاثاء، 23 فبراير 2010

سناء موسى

عبد الله القضماني

 

هي باحثة بأمراض إسفنجية المخ في الجامعة

العبرية بالقدس. لكنها كذلك مغنية تقدم

الموسيقى التراثية، والموسيقى العربية

الكلاسيكية؛ تغني فلسطين بموسيقاها

الفلكلورية، وتقدم لوحات التراث الشعبي

الفلسطيني في مشاهد مختلفة ومتنوعة،

وتغني للطبيعة أغاني الاستسقاء والمطر،

وللعرس الفلسطيني أغاني الفرح والغزل،

وللجرح الوطني أغاني المقاومة والكبرياء.

وتجيد عزف «المونولوج »، أو ما يعرف

بالموسيقى المسرحية التي تطورت في

بدايات القرن العشرين بمصر. وقد شاركت

سناء موسى، ابنة قرية دير الأسد الجليلية،

في عدة مهرجانات فلسطينية ودولية،

فحمل صوتها الجميل جمال فلسطين كما لم

يره أحد؛ فلسطين الأغنية، والأم، والوطن،

والموسيقى، والأدب والشعر، والحزن، والعشق،

فلسطين في كل حالاتها.

البدايات

هي شابة في مطلع الثلاثينيات من عمرها،

لكنها تعمل جاهدة على تطوير فنها، رغم

من صعوبة تخصصها الجامعي؛ فهي تلتزم

بمواعيد تدريباتها الموسيقية كأنها مواعيد

امتحاناتها في مواد الطب المختلفة. وعن

ذلك تقول: «من الصعب التوفيق بين

مهنتين مختلفتين؛ فالأمر يحتاج إلى الكثير

من الدقة وتنظيم الوقت وفقا للاحتياجات

المختلفة. ومن الطبيعي أن يكون هذا على

حساب أمور شخصية أخرى؛ كالوقت الذي

يفترض أن أقضيه مع العائلة .»

ولكن ماذا عن البدايات؟ تقول سناء: «لم

تكن بداياتي استثنائية أو مميزة، فقد

انطلقت من البيت الذي يعشق الموسيقى،

فوالدي كان موسيقيا وأحببت الموسيقى

الكلاسيكية لمحبة عائلتي لها »، وتضيف:

«ما فاجأ عائلتي وأصدقائي هو قراري

بممارسة الموسيقى »! وانحازت للموسيقى

الفلكلورية رغم أن أبناء جيلها يميلون إلى

الموسيقى الصاخبة والسريعة، لحبها لهذا

اللون من الموسيقى، كما أن التراث يمثل لها

«مغارة مليئة بالكنوز »، حيث تقول: «أجد

في التراث الكثير من الألوان والقضايا التي

يمكن أن تروي قصصا مختلفة، فكأنك تقرأ

كتابا يحوي على لوحات وطقوس مختلفة؛

من الفرح إلى الحزن، وهي كلها حالات نمر

بها في حياتنا اليومية ». وتضيف: «التراث

حالة غنائية مميزة جدا .»

وفي الوقت الذي يجد المستمع هذا النوع

من الموسيقى جميلا، إلا أنه بالنسبة لسناء

يعني «العودة إلى الذات، والهوية الوطنية

الفلسطينية والإنسانية وأصولنا الثقافية !»

وتؤكد أن هذه الموسيقى «لا تمت إلى عروبتنا

بصلة »، وتوضح قائلة: «نحن نعيش تحت

الاحتلال، وفقدنا الأرض؛ وهي خسارة

فادحة، ولكن الخسارة تصبح موجعة أكثر

حين نخسر ثقافتنا وحضارتنا ». وتتابع

قائلة: «خسارتها تعني خسارة شرعيتنا

وحقنا في البقاء .»

وترفض سناء الموسيقى التجارية وتقول:

«أرفض التعامل مع الموسيقى كسلعة، ومع

الفن كتجارة، علما أنني أدرك أن لكل شيء

ثمنا، وأنا مستعدة لدفع هذا الثمن .»

ولأن حلم الفنان لا يكتمل دون وضع

بصماته الخاصة في مجال عمله، تفكر

سناء في إنتاج أغان خاصة بها، لكنها

تحتاج أولا إلى « تخمر وجاهزية نفسية »

تمكنها من تنفيذ ما تحلم به، حيث

تقول: «هناك من يعتبر نفسه ناضجا

فنيا حتى لو كان عمره الفني لا يتجاوز

يوما واحدا، وهناك من يعتبر نفسه

ناضجا حتى قبل أن يبدأ مشواره الفني!

لكنني أفضل أن أعطي لكل شيء وقته

وحقه؛ فعندما أصبح جاهزة، سأسعى إلى

إنتاج أغانيّ الخاصة .»

وتؤمن سناء بقدرة الفن كأداة للمقاومة،

فتقول: «الفن كالعلم يجب إتقانه؛ ليكون

المرآة التي تعكس صورة الوطن، وهي محام

جيد يمثل قضيته .»

ولسناء تجربتها الخاصة مع فرقة الفنون

الشعبية الفلسطينية، حيث تقول: «أنا

من المؤمنين بهذه المؤسسة والعاملين

فيها، لفكرها ومبادئها، وعملها الجماعي

المميز؛ فالعاملون فيها ليسوا فقط أشخاصا

يرقصون على الأغاني الفلكلورية، بل هم

مجموعة تؤمن بما تفعل .»

عن دراستها في الجامعة العربية

ومن الطبيعي أن تشعر سناء الفلسطينية

التي تدرس في الجامعة العبرية بالتمييز،

حيث تقول: «أتمنى لو كان أن تخصصي

متوفرا في جامعة عربية، علما أن تجربتي

الصعبة كفلسطينية أدرس في جامعة

إسرائيلية بالقدس أعطتني وعلمتني

الكثير .»

وتشرح أن أشكال التمييز التي يتعرض

لها الطلبة الفلسطينيين في الجامعات

الإسرائيلية متعددة، ونتائجها تتطلبأ حيانا

عدم اتخاذ موقف تجاهها، وأحيانا أخرى لا

بد من اتخاذ موقف، وتقول: «لا يستوعب

معظم الإسرائيليين؛ لا سيما المثقفون

منهم، أن فلسطينيي عام »48« ، هم أيضا

فلسطينيون، حيث يفاجئون من مجاهرة

الطالب العربي بفلسطينيته؛ فيكتشفون

أننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني

وامتداد لأمتنا العربية ». وتترجم ادارة

الجامعة رفضها للهوية الفلسطينية عبر

الكثير من ممارسات الاضطهاد؛ فترفض

السماح لنا بالتظاهر، مع أنه حق طبيعي،

وتمنعنا من إقامة الأنشطة الثقافية ذات

الطابع السياسي. وتضيف: «بالنسبة لي فإن

الجامعة هي مكان لتلقي العلم، وبإمكاني أن

أقوم بنشاطاتي الفنية في القدس ورام الله،

حيث أتواصل مع أبناء شعبي .»

ومن منا لم يصادف شخصا لا يحب

الموسيقى التراثية، ويعتبر أغاني التراث

ليست ذي قيمة ويفضل ال «بوب » أو

الطرب عليها! ولكن سناء موسى؛ تقول

بهذا الخصوص: «أنا عاشقة للموسيقى

التراثية، ولا يمكنني أن أستوعب من يقول

أن التراث ممل أو قديم، أو ليس فيه ما

يثير ويجذب! أو قدم واستهلك كثيرا؛ فما

خفي من التراث أعظم ». ولكن «وظيفتنا

تكمن في الكيفية التي يمكن أن نقدم فيها

التراث بشكل مثير، سواء من خلال التوزيع

الموسيقي الجديد، أو أي طريقة تساعد على

إبراز حيوية تراثنا الجميل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق